تمثل جرائم السب والقذف انتهاكًا واضحًا لحرمة الآخرين ومساسًا بكرامتهم، ولذلك يولي النظام السعودي اهتمامًا بالغًا بهذا النوع من الجرائم، ويُدرجها ضمن الجرائم الموجبة للعقوبة الجنائية لذلك فإن عقوبة السب والقذف في السعودية لا تهاون فيها. ومع ازدياد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الحاجة إلى تنظيم ومعاقبة هذه الأفعال أكثر إلحاحًا. في هذا المقال، نسلط الضوء على مفهوم وعقوبة السب والقذف، الشروط النظامية لرفع الدعوى، طرق الإثبات، بما في ذلك العقوبات الخاصة بالسب والقذف الإلكتروني وقذف المحصنات. مفهوم السب والقذف السب: هو توجيه ألفاظ مهينة إلى شخص آخر تمس كرامته أو تحط من قدره دون أن يُنسب إليه فعلًا مشينًا بشكل صريح. في حين أن القذف: يتضمن اتهام شخص بفعل محدد يمس عرضه أو شرفه، مثل الزنا أو الفجور. ويُعد القذف من الجرائم الأشد خطورة نظرًا لارتباطه المباشر بالأعراض، وقد عُنيت الشريعة الإسلامية والنظام السعودي بوضع عقوبات صارمة عليه. شروط رفع دعوى السب والقذف لكي تُقبل دعوى السب أو القذف أمام القضاء السعودي، لا بد من تحقق عدد من الشروط، من أبرزها:
كيفية إثبات السب والقذف يُعد إثبات جريمة السب أو القذف في المملكة العربية السعودية خطوة أساسية لإقامة الدعوى الجنائية أو المدنية، ويتطلب تقديم أدلة معترف بها قانونًا. وتتنوع وسائل الإثبات التي يعتمدها القضاء السعودي في هذا النوع من القضايا، وتشمل الآتي:
تعتمد المحكمة على هذه الوسائل مجتمعة أو منفردة لتكوين القناعة القضائية بثبوت الجريمة، مع مراعاة طبيعة الواقعة والوسيلة المستخدمة في ارتكاب الجرم ويمكنك الاستعانة بمحامي متخصص ليساعدك في رفع الشكوى أو الدفاع عنك أو تقديم استشارة متخصصة لك. عقوبة السب والقذف في القانون السعودي يقسم النظام السعودي العقوبات على جريمتي السب والقذف بحسب جسامة الفعل والأداة المستخدمة والوسيلة التي تم بها نشر أو توجيه الإهانة أو الاتهام. وفيما يلي تفصيل للعقوبات بحسب نوع الجريمة: عقوبة السب إذا ثبت قيام شخص بسب غيره دون أن ينسب إليه فعلًا يوجب الحد أو التعزير، فإن العقوبة غالبًا ما تكون تعزيرية، يقدّرها القاضي بناءً على طبيعة الواقعة، وقد تشمل:
عقوبة القذف القذف يُعد من الجرائم الحدّية في حال توافرت شروطها، خاصة إن تضمن اتهامًا بالزنا. وتشمل العقوبات:
الفرق بين السب والقذف الفرق الجوهري بين السب والقذف يتمثل في أن القذف يتضمن نسبة فعل مشين إلى المجني عليه، كاتهامه بالزنا، بينما السب يقتصر على الإهانة أو الشتيمة دون نسبة فعل جنائي. ولهذا، فإن عقوبة القذف غالبًا ما تكون أشد من عقوبة السب. عقوبة القذف الإلكتروني في السعودية مع التوسع في استخدام الإنترنت، تم تنظيم جريمة القذف الإلكتروني ضمن نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، حيث نصت المادة الثالثة منه على أن: “يعاقب بالسجن مدة تصل إلى سنة، وبغرامة لا تزيد على 500,000 ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قذف أو سب الغير عبر وسائل إلكترونية”. ويشمل ذلك القذف عبر منصات مثل تويتر، سناب شات، واتساب، انستغرام وغيرها من وسائل النشر الرقمية. عقوبة القذف بالزنا إذا اتهم شخص آخر بالزنا دون إثبات، يُعد ذلك قذفًا موجبًا للحد، وتطبق عليه العقوبات التالية:
وإذا كان القذف من قاصر أو غير مكتمل الأهلية، فتنطبق عليه العقوبات التعزيرية بما يتناسب مع حالته. عقوبة قذف المحصنات قذف المرأة المحصنة يُعد جريمة كبرى في الشريعة الإسلامية، وقد نصت المادة الثامنة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، والمادة التاسعة من نظام الإجراءات الجزائية، على تشديد العقوبة إذا كانت المجني عليها امرأة محصنة، لما لذلك من أثر بالغ في المساس بسمعتها وشرفها، وقد تصل العقوبة إلى:
عقوبة السب والشتم في مواقع التواصل الاجتماعي تشدد النيابة العامة السعودية على أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأغراض السب أو الشتم يعرض المستخدم للمساءلة القانونية، وتطبق عليه العقوبات التالية:
وتختلف العقوبة بحسب الضرر الواقع على المجني عليه، وطبيعة الألفاظ المستخدمة، وعدد مرات التكرار. عقوبة السب والتشهير في السعودية إذا تضمن السب أو الشتم جانبًا من التشهير ونشر المعلومات بهدف الإساءة لسمعة شخص، تُطبق أحكام التشهير أيضًا، وتُضاعف العقوبة وفقًا لما يلي:
الأسئلة الشائعة أجبنا عن أكثر الأسئلة الشائعة في جرائم السب والقذف وتتلخص في الآتي: كيفية إثبات جريمة السب والقذف في السعودية؟ عند التعرض لجريمة سب أو قذف، لا يكفي التضرر المعنوي وحده لرفع الدعوى، بل يجب على المجني عليه تقديم أدلة قانونية تعزز موقفه أمام الجهات المختصة، بدءًا من مرحلة البلاغ لدى الشرطة وحتى إحالة القضية إلى المحكمة. وتُعد مسألة الإثبات عنصرًا حاسمًا في قبول الدعوى وفرض العقوبة على الجاني. وفي ظل الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية، أصبحت الرسائل النصية والمحادثات والصور المتبادلة عبر هذه الوسائل من بين أهم الأدلة التي يمكن الاستناد إليها لإثبات وقوع الجريمة. ومع ذلك، يشترط أن تكون هذه الأدلة موثقة وصحيحة فنيًا، بما في ذلك التحقق من أن رقم الهاتف أو الحساب الإلكتروني المستخدم في الإساءة يعود فعليًا إلى الجاني، وذلك لضمان سلامة الإسناد وثبوت النسبة. ومن أبرز طرق إثبات جريمة السب والقذف في النظام السعودي ما يلي:
وفي النهاية، تقوم الجهات المختصة بتحليل وفحص الأدلة الرقمية عبر مختبرات تقنية معتمدة وخبراء متخصصين للتأكد من صحتها، تمهيدًا لتطبيق العقوبات النظامية المقررة بحق الجاني وفقًا لما يقتضيه نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية أو نظام الإجراءات الجزائية. ما هي عقوبة السب في “واتساب” في السعودية؟ السب عبر “واتساب” يدخل ضمن الجرائم المعلوماتية، ويُعاقب عليها بالسجن مدة لا تتجاوز سنة، أو غرامة مالية تصل إلى 500,000 ريال، أو كليهما، وفقًا لما نص عليه نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية. هل القذف عليه تعويض؟ نعم، يحق للمجني عليه في قضايا القذف المطالبة بالتعويض المالي عما لحق به من ضرر معنوي ونفسي، ويُقدر التعويض بحسب ما يراه القاضي ملائمًا لحجم الضرر. متى تسقط دعوى القذف قانونيًا؟ تسقط دعوى القذف إذا لم يتم رفعها خلال سنة من تاريخ العلم بالواقعة، ما لم يكن هناك مانع نظامي يمنع من التقديم خلال هذه الفترة. كما تسقط الدعوى بالتنازل أو العفو من قبل المجني عليه في بعض الحالات، إذا لم تكن من الجرائم التي تتعلق بالحق العام. ختاما في ظل تطور أدوات التواصل وتنامي استخدام الإنترنت، أصبح من الضروري التوعية بخطورة جرائم السب والقذف، والعقوبات المترتبة عليها في النظام السعودي. إن احترام كرامة الآخرين وحرمة أعراضهم ركيزة أساسية في التشريع الإسلامي والأنظمة السعودية الحديثة، ولذا فإن كل من يرتكب هذه الجرائم عُرضة للمساءلة الجنائية والمدنية. ننصح الجميع بالحذر والتريث قبل كتابة أو مشاركة أي محتوى قد يفسر كإهانة أو قذف، تجنبًا للعقوبات وتأكيدًا على احترام قيم المجتمع السعودي.